لعل أشد المتشائمين بالأرجنتين وأشد المتفائلين بألمانيا لم يتوقع هذا السيناريو "الرهيب" لمباراة المنتخبين، التي سقط فيها الأرجنتينيون سقوطا عظيما بكل ما تعنيه كلمة السقوط من معنى...
سقط ميسي وسقط هيجواين وسقط تيفيز وسقط حارسهم روميرو، وسقط ماراودنا وسقطت أمريكا اللاتينية، وسقطت كل التوقعات من قبل كل محللي كرة القدم على سطح الكرة الأرضية.. وظهرت حقيقة كرة القدم التي لا تعرف كبيرا ولا صغيرا ولا نجما ولا مغمورا، وظهر الألمان كعادتهم ماكينة أو (مفرمة) لا ترحم ولا تيأس ولا تعرف المستحيل، وهم منتخب قد لا تحبونه -وأنا واحد من كارهينه- ولكنه منتخب جدير بالاحترام.. منتخب تهابه مهما كانت أحواله.. منتخب له شخصية ولا يلعب نهائيا بالمزاجيات.. حتى عندما كان ناقصا وبعشرة لاعبين كان هو الأخطر على الصرب على رغم خسارته التي كانت درسا اتعظ منه مدربه ولاعبوه... وشاهدنا النتائج فيما بعد.
وتبقى الكرة اللاتينية كرة جميلة ولكنها مزاجية على العكس من الكرة الأوروبية التي تتميز بالعقلانية على المستويين التكتيكي والخططي، ولا تتأثر بغياب لاعب واحد.. فها هو توريس في أسوأ أيامه في إسبانيا والمنتخب ماشي، وألمانيا وصلت للنصف نهائي بدون قلبها وعقلها النابض بالاك، وهولندا مشت بدون روبن، أما ألمانيا فنجومها هم في الصف الثاني أو الثالث خلف (المتعنطزين الكبار) أمثال كريستيانو رونالدو وميسي وجيرارد ولامبارد وتوريس وكاكا وجوليو سيزار وبوفون وجماعته... ولكنهم لاعبون يؤمنون بالانضباطية المطلقة المقترنة باللياقة العالية والتنظيم الدفاعي والهجومي.
طبعا البعض يقول إن البقرة أو الجمل عندما يقع تكثر سكاكين ذباحينه,,, وقد يكون هذا الكلام صحيحا في وضعية المنتخب الأرجنتيني أكثر من المنتخب البرازيلي، الذي تقدم ولعب بعشرة لاعبين وسجل خطأ في شباكه، ولكن تبقى الخسارة مُدرّة للتعليقات والانتقادات أكثر مما يحدث في حال الفوز؛ حيث تغض الناس الطرف عن الأخطاء لتترك هامشا للفرح.
أوروبا هي المتوجة حتى الآن باللقب العالمي، وألمانيا هي صاحبة الترشيحات الأكبر لما أظهرته من مستوى في كل مبارياتها بما فيها المباراة التي خسرتها، والأهم لما يتمتع به لاعبوها من روح قتالية تندر أن تشاهده بشكل مستمر لدى بقية المنتخبات.
ويبقى السؤال الكبير.. بعد خروج منتخباتنا (التي كنا نظنها كبيرة).. من سنشجع الآن؟